الدرس 5: انهيار الإمبراطورية العثمانية والتدخل الاستعماري في المشرق العربي
المجال: التاريخ الحديث — درس موجه لتلاميذ الثالثة إعدادي
مقدمة
شهدت الإمبراطورية العثمانية منذ القرن 16م تراجعًا تدريجيًا بسبب عدة أسباب داخلية وخارجية، مما مهّد الطريق لتدخل القوى الاستعمارية الأوروبية في أراضيها، خاصة في المشرق العربي، الذي تعرض للتقسيم والانتداب بعد الحرب العالمية الأولى. فكيف انهارت الإمبراطورية العثمانية؟ وما انعكاسات هذا الانهيار على المشرق العربي؟
I- أضعفت الأسباب السياسية والاقتصادية والعسكرية الإمبراطورية العثمانية وأدت إلى سقوطها
- بدأ ضعف الدولة العثمانية بعد وفاة سليمان القانوني:
بعد وفاة السلطان سليمان القانوني سنة 1566م، بدأت الإمبراطورية العثمانية تضعف لأن السلاطين الذين حكموا بعده كانوا ضعفاء وغير أكفاء. فقدت الدولة مركزيتها، لأن السلاطين تخلّوا عن الإشراف المباشر على الحكم، وتركوا السلطة للوزراء والحاشية، مما أدى إلى الفساد والفتن. أصبح الجيش الإنكشاري يتدخل في السياسة، فتمردوا وخلعوا بعض السلاطين، وفرضوا سيطرتهم على الحكم، مما أضعف الدولة وأفقدها الاستقرار.
- أثرت الأزمات الاقتصادية على الدولة العثمانية:
ضعف الاقتصاد العثماني بسبب كثرة النفقات وتخلف الزراعة، كما تراجعت التجارة بشكل واضح، ولذلك لجأت الدولة إلى الاقتراض من الدول الأوروبية، مما أدى إلى تراكم الديون عليها. وبناءً على ذلك، أُنشئ صندوق الدين العثماني سنة 1881م، فأصبحت موارد الدولة تحت سيطرة القوى الأجنبية. لهذا السبب، سُمّيت الإمبراطورية بـ "الرجل المريض"، ورغم ذلك استمرت لأنها كانت محل تنافس بين الدول الأوروبية على تقسيمها.
- تراجعت الإمبراطورية العثمانية بفعل التنافس الأجنبي:
خسرت الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين العديد من أراضيها بسبب التنافس بين الدول الأوروبية على السيطرة عليها. إذ احتلت فرنسا والبرتغال وإيطاليا أجزاءً كبيرة مثل الجزائر وليبيا وتونس، وسيطرت بريطانيا على مصر وفلسطين والعراق. وفي عام 1923، توقفت الإمبراطورية رسميًا، وأُنشئت دولة تركيا الحديثة بعد توقيع معاهدة لوزان، التي قلّصت من مساحة الدولة بشكل كبير.
II- تدخلت القوى الاستعمارية في المشرق العربي وقسمته بعد السيطرة عليه ما بين الحربين
- تدخلت أوروبا في المشرق العربي قبل الحرب العالمية الأولى:
شهد المشرق العربي في القرن التاسع عشر تدخلًا من الدول الأوروبية بسبب الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) وقوة محمد علي العسكرية. وزاد الاهتمام الأوربي بعد افتتاح قناة السويس (1869)، التي اشترت بريطانيا أسهمها (1875) لحماية طريقها إلى الهند. كما استخدمت الدول الأوروبية قروضًا واستثمارات للسيطرة على الاقتصاد في سوريا وغيرها، مما جعل المشرق تحت نفوذها قبل الحرب العالمية الأولى.
- سيطرت الدول الأوربية على المشرق العربي خلال الحرب العالمية الأولى:
سيطرت بريطانيا على مصر والكويت في سنة 1914، ثم تفاوض الشريف حسين مع السير هنري مكماهون، المندوب السامي البريطاني في مصر، سنة 1915 لدعم الثورة العربية ضد العثمانيين مقابل وعد بإقامة دولة عربية مستقلة. وفي نفس السنة، اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم الأراضي العثمانية باتفاقية سايكس-بيكو. بعد ذلك، أصدرت بريطانيا وعد بلفور سنة 1917 لدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي سنة 1919، دخلت القوات العربية والبريطانية دمشق، مما أكّد استمرار النفوذ الأوروبي في المنطقة حتى بعد انتهاء الحرب.
- قررت الدول الإستعمارية تقسيم المشرق العربي بعد الحرب العالمية الأولى:
قرر مؤتمر سان ريمو سنة 1920 تقسيم المشرق العربي بين فرنسا وبريطانيا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. إذ فرضت عصبة الأمم نظام الانتداب على المناطق التي كانت تحت الحكم العثماني، بحيث تتولى الدول المنتدبة إدارة هذه المناطق مؤقتًا لمساعدتها على تحقيق الاستقلال في المستقبل. فكانت فرنسا مسؤولة عن الانتداب في سوريا ولبنان، بينما تولت بريطانيا الانتداب على فلسطين والعراق والأردن.
خاتمة
أدى ضعف الإمبراطورية العثمانية وتدخل القوى الأوروبية إلى فقدان المشرق العربي استقلاله، حيث قُسمت أراضيه بين فرنسا وبريطانيا بموجب نظام الانتداب، مما مهّد لبداية مرحلة استعمارية جديدة في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى.
مصطلحات
المصطلح | الشرح |
---|---|
نظام الالتزام | هو نظام طبقه السلاطين العثمانيون، يسمح بموجبه لحاكم منطقة معينة بجمع الضرائب لصالحه مقابل مبلغ مالي يدفعه سنويًا مقدمًا. |
التنظيمات | هي مجموعة الإصلاحات التي شهدتها الإمبراطورية العثمانية في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية، خاصة في عهد السلطانين عبد المجيد وعبد الحميد الثاني. |
السلطان عبد الحميد الثاني | من أبرز سلاطين الدولة العثمانية، تولى الحكم عام 1876، وأجرى عدة إصلاحات، لكنه واجه معارضة داخلية شديدة أدت إلى عزله عام 1909. |
صندوق الدين العثماني | صندوق أنشأته الدول الأوروبية لاسترداد ديونها من الدولة العثمانية، وكانت إدارته مشتركة بين الفرنسيين والإنجليز. |
محمد علي باشا (1769-1849) | من أصل ألباني، عُين والياً على مصر سنة 1805 بفضل كفاءته العسكرية، وأجرى إصلاحات لتحديث المجتمع المصري وبناء دولة عصرية. |
الخديوي | مصطلح تركي يُطلق على حكام مصر من أبناء محمد علي. |
الشريف حسين (1853-1924) | أصبح أميرًا على مكة سنة 1908، وقاد الثورة العربية ضد الحكم العثماني في المناطق العربية. |
الرجل المريض | تعبير أطلقه قيصر روسيا على الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، بسبب تدهور أوضاعها الداخلية، مع طرح احتمال تقسيم ممتلكاتها. |
اتفاقية سايكس-بيكو | اتفاقية سرية وُقعت سنة 1916 بين فرنسا وبريطانيا وروسيا لتقسيم مناطق النفوذ في المشرق العربي التي كانت تحت الحكم العثماني، وكشفها لينين بعد الثورة الروسية عام 1917. |
بلفور | وزير خارجية بريطانيا الشهير بوعده للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. |
الثورة العربية الكبرى | حركة قادها الشريف حسين وأبناؤه بدعم من الإنجليز عام 1916، هدفها إنهاء السلطة العثمانية في بلاد الشام والعراق. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق