بيت الزوجية
بيت الزوجية |
إلى الذين يفقهون جيدا "مثنى وثلاث ورباع"،و لم تشرح صدورهم "خياركم خياركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، أولئك الذين سارعوا لإطلاق اللحى، تناسوا أنه فرض عليهم إطلاق الود والرحمة في بيوتهم، غفلوا عن سنته صلى الله عليه وسلم في بيته، لم يلفتهم تلطفه مع أمهات المؤمنين، لم يهتدوا لحنانه الغامر، لتودده الأنيق، لمرحه ورأفته . وكل هذا شفاء لأمراض البيوت التي توشك أن تهدم.
بيت الزوجية |
يلقي نظرات الإعجاب في الطريق ويحجبها عن بيته، يزين أسماع الأخريات ويصمت في حرمه، تعجبه الصور الصماء لبعدها، ويكبر تحت مجهره شوك وردته ،
فرفقا بالقوارير، فإن العفيفة تتزوج لتسعد بتغريد الغزل يداعب أنوثتها، لتجتاح خصلات شعرها أنامل الحب، ليلم عبراتها صدر رحيم، لتحس بالأمان لا لتفقده، لتستقر طيور عشقها المهاجرة، لتصبح ملكة، لا لتشعر إنها عدم، لتحتمي بظله، لا لتغشي ظلمة ظله نورها، لتركن إلى مودته، لا لتسجد لسلطته، لتقوى به، لا لتضعف أمامه، لتكون هي، لا لتنسى من تكون.
وبعد أن يلم الزمان ما تبقى من صباها، وبعد أن تعتاد جفاف تربتها، وفي أوج عطائها، يطلق لنفسه العنان، ويكافئ نفسه بقتلها، نعم! من حقه أن يعيش، مغامرة مراهقة، أو نزوة لذيذة، وحتى زواج رزين، تلزم فيه إحداهن دور العشيقة، التي يهرب إليها صنم من أعباء أسرة وأولاد، حتى يمر عليها الزمان وتفنى هي الأخرى في مضمار العنوسة المقنعة، ويحتفظ هو دائما لنفسه بحق الحب والحياة، ويظن أنه وهب الكثير، وهيهات للجدول الجاف أن يحيي الصحراء.
وأولئك الذين ألجموا أنفسهم بالرباط المقدس يحترفون القتل أيضا، الصمت يقتل في عتمة المشاعر، الود يرحل في غياب اللمسات، المرح يذبل حتى الفناء في أرض فارقتها المداعبات، في كل بيت هناك أرض غزاها التصحر، في كل حضور هناك غياب يسوده. رفقا بالقوارير، فان للحب محكمة اختل توازن عدلها، يلقي نظرات الإعجاب في الطريق ويحجبها عن بيته، يزين أسماع الأخريات ويصمت في حرمه، تعجبه الصور الصماء لبعدها، ويكبر تحت مجهره شوك وردته حتى ينسى لونها الزاهي وبتلاتها المخملية وعطرها المنبعث عطاء في كل ركن من أركان مملكته.
سيدي! ماذا لو وهبتها عمرا جديدا، ماذا لو أهديتها مغامرة عفيفة، ماذا لو بدأتها من جديد، لو عشقتها مرة أخرى وأخرى، ماذا لو عشتها مرة تلو المرة، للحب محكمة تشجب أن تقدم الهدية قربانا لأنثى واخرى تدفن في بيت الصمت، تشجب أن تضيع طاقة الحياة هباء خارج منزل انطفأت أنواره بالتجاهل، وللحب محكمة تشجب أن تكون غائبا وإن حضرت.
المصادر المعتمدة: مدونات قناة الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق